Home

تغيير اللعبة بالنسبة للإستثمار المباشر؟

20.10.12 Feature
نسخة للطباعة


بعد مرور اربع سنوات علي تحريك الدعوة القضائية، نجح الدائنون لمحلات التجزئة الأمريكية ميرفينز والتي أعلنت إفلاسها في الحصول علي تسوية كبري من شركات وبنوك الاستثمار المباشر التي اطاحت بالمحلات خارج حلبة المنافسة في الاسواق من جراء تراقم الديون ومنع النقدية. ونتج عن الافلاس  استبعاد 18000 وظيفة.

والسؤال ، هل يغير ذلك من الجدل الدائر حول الاستثمار المباشر والذي ظهر مجددا علي السطح في الولايات المتحدة مع طرح إسم المدير السابق في "بين" ، السيد/ ميت رومني ، مرشحاً لرئاسة الجمهورية؟

لقد وجهت الدعوى القضائية الاتهام لأصحاب الاستثمار المباشر (سيربيروس وصان كابيتال ولوبرت أدلر الخبير العقاري) والبنوك التي قدمت التمويل بسحب النقدية من الشركة باستخدام الأصول العقارية لميرفينز – التي تضخمت قيمتها من جراء فقاعة الأملاك – لتمويل الصفقة الضخمة ومن ثم فصل عمليات التجزئة للشركة على الفور عن العقارات. وتم إيداع العقارات في شركات مانعة من الإفلاس لحمايتها من مطالبات الدائنين، فضاعف الأصحاب الجدد للعقارات من معدل الإيجارات التي تدفعها محلات التجزئة.

ولأجل سداد إيجار أعلى، قامت ميرفينز بدفع ٥٩ مليون دولار للملاك الجدد، ثم اقترضت ميرفينز ٦٠ مليون دولار إضافية لتمويل "إعادة تمويل حصص المساهمين في الأرباح" لأصحاب الاستثمار المباشر. وبعد مرور أربع سنوات على هذه الصفقة، أعلنت ميرفينز إفلاسها.

وعند موافقة شركات الاستثمار المباشر على التسوية بقيمة ١٦٦ مليون دولار، أقرت أنها غير مذنبة وأن شروط التسوية تحظر على الدائنين ذكر أسماء الشركات المشترية بأي شكل علني أو مستندي أو في اجتماعات تضم ما يزيد على مائة شخص. وطبقًا لوكالة رويترز، فإن "أقل من نصف العوائد (الناتجة من التسوية) موجهة للدائنين خلال مرحلة ما قبل الإفلاس والذين سوف يستردون في الأغلب حوالي ٢٠ سنت عن كل دولار بعد معركتهم التي استمرت أربع سنوات".

أما الثمانية عشر ألف عامل الذين فقدوا وظائفهم، فلا يحصلون على أي شئ.

ولقد لفت اتحاد النقابات الانتباه إلى أهمية القضية عند تحريكها منذ أربع سنوات مضت، والآن وقد تم التوصل إلى تسوية، فهل تصبح عامل محرك ل "تغيير اللعبة" في مجال الاستثمار المباشر والذي اقترحته محطة سي أن أن؟

يعتمد هذا الأمر بطبيعة الحال على الاستجابة السياسية لهذه القصة الواضحة فيما أصبح مسألة سياسية مطروحة في الانتخابات الأمريكية.

إن الجدل السائد حاليًا في الولايات المتحدة حول الاستثمار المباشر قد اهتم حتي الآن بأمرين: الوظائف التي يتم تعيين أصحابها من خارج الشركة والثغرات الضريبية التي يستفيد منها سماسرة شراء المؤسسات. أما الوظائف التي يتم تعيين أصحابها من خارج الشركة، فهي لا تقتصر على الاستثمار المباشر. فعلى مدار عقود طويلة، كانت هناك هوجة من التوظيف الخارجي في جميع الشركات، سواء كانت عامة أو خاصة، مما ساهم في تدمير الوظائف وكذلك حياة العمال الأمريكيين.

أما الجدل حول الضرائب، فيهتم بشكل كبير بالمزايا الضريبية التي يحققها على المستوى الفردي أصحاب الاستثمارات المباشرة ومديري الصناديق. وهناك بالطبع غضب شديد له ما يبرره (ولكن ليس بما يكفي) تجاه فجور من يحققون أعلى المكاسب ممن يدفعون جزءًا بسيطًا من دخلهم للضرائب مقارنةً بمن يعملون. إن المعالجة المستمرة ل"الفائدة التي يتم تحملها" – الأرباح الناتجة عن صفقات شراء المؤسسات التي تتوج بالنجاح – باعتبارها مكاسب رأسمالية، وليس دخلًا وهو ما يخضع لضرائب أعلى، كان أحد العوامل. و"بين" الآن في دائرة الضوء نظرًا لقيام رومني أخيرًا بالإفصاح عن إقراراته الضريبية، مما يكشف الطبقات المتعددة لحسابات شركات الأوفشور والتي تستخدمها شركات شراء المؤسسات لتقليص أو استبعاد ضرائب أخرى. وتخضع الآن بعض من أكبر شركات الاستثمار المباشر لفحص قانوني وتنظيمي لعمليات حجز الرسوم الإدارية باعتبارها "أرباح مستقبلية" وليس دخلًا.

أما ما ينقص حتى الآن، فهو النقاش النقدي حول الإعفاء الضريبي في قلب آلية شراء المؤسسات نفسها: إمكانية استقطاع الضرائب من الفائدة التي يتم تحميلها على مستويات ضخمة. وكما يتضح من دليل العاملين لشراء المؤسسات بالاستثمار المباشر والذي أعده اتحاد النقابات، "ففي الوقت الذي تستفيد فيه جميع الأعمال من وضع استقطاع الضريبة من الفائدة على القروض، فإن صناديق شراء المؤسسات تستفيد بشكل واضح وأعلى كثيرًا بسبب اعتمادها بشكل حصري على الدين كأداة ل"تحرير القيمة". وفي الواقع، فإن قوة الدين في شراء المؤسسات تعمل فقط بسبب الثغرات الضريبية وغياب القيود الكبيرة على تحقيق التوازن بين معدلات الدين للاستثمار في الشركات".

وهذا الوضع السخيف – والذي لا يقتصر على الولايات المتحدة بل يتم تطبيقه في العالم أجمع – يعمل كدعم تنظيمي  يميز الدين على الاستثمار ويشجع على نزع الأصول. وبينما يصرخ المؤيدون للتمويل بالحاجة لخفض العجز العام، يحقق مجال شراء المؤسسات تريليونات الدولارات من الديون الخاصة، والكثير منها سام للغاية. وتم تحويل بعض هذه الديون إلى دين عام عندما قامت الحكومات بالاستحواذ على قروض سامة لم يتم إنجازها من خلال الكفالة.

إن الحدود التي يتم رسمها للاستقطاع الضريبي من الفوائد في سياق عمليات الاستحواذ التي تمولها الديون والحصول على ديون جديدة لتمويل حصص إعادة الاستفادة من حصص المساهمين في الأرباح، تؤكد أن الشركات التي يتم الحصول عليها بشكل مباشر وخاص لن تتعرض لمخاطر مباشرة من خلال ممارسات نزع النقدية التي تسببت في غرق ميرفينز وغيرها من الشركات. إن تسوية ميرفينز قد تعيد الاهتمام بالجدل السائد حول الحاجة الملحة لإعادة التنظيم المالي والضريبي للاستثمارات المباشرة، إلا أن الجدل الحقيقي لن يتم إلا باستهداف نموذج الأعمال في حد ذاته، الفيل الجالس على المائدة والذي أفلت حتى الآن من المساءلات الحرجة.